للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه. . ." (١).

ومما يشهد لهذا الوجه ما ورد في حديث أبي هريرة قال: «استب رجل من المسلمين ورجل من اليهود فقال المسلم: والذي اصطفي محمدًا على العالمين، فقال اليهودي: والذي اصطفى موسى على العالمين، فلطم المسلم اليهودي فذهب اليهودي إلى النبي واشتكى فقال النبي : «لا تخيروني على موسى» (٢).

وقال : "ما ينبغي لعبد أن يقول: إني خير من يونس بن متى" (٣)، وكل هذا لئلا يفضي إلى المخاصمة والمنازعة ثم يؤدي ذلك إلى الازدراء والانتقاص للمفضول بدون قصد.

وعلى هذا الوجه المتقدم يحمل قوله تعالى: ﴿عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾، على أن المراد بالعلم المنفي: "العلم الحضوري الباعث على العمل وهو إرادة السب التي يقصد بها إهانة المسبوب، فإن الساب هنا لا يتوجه قصده إلا إلى إهانة مُخَاطَبه الذي سبه" (٤).

الوجه الثاني:

ليس المراد أنهم يسبونه صريحًا ولكن يخوضون في ذكره فيذكرونه بما لا يليق به ويتمادون في ذلك بالمجادلة فيزدادون في ذكره بما لا يليق بالله تعالى، وقد قال بهذا الوجه الراغب الأصفهاني (٥).


(١) أخرجه مسلم: ١/ ٩٢ رقم ٩٠، وأحمد ٢/ ١٦٤، ١٩٥، ٢١٤، ٢١٦.
(٢) البخاري ٥/ ٧٠ رقم ٢٤١١، ٦/ ٤٤١ رقم ٣٤٠٨، ومسلم: ٤/ ١٨٤٣ رقم ٢٣٧٣.
(٣) البخاري ٦/ ٤٥٠ رقم ٣٤١٣، ٣٤١٦، ومسلم: ٤/ ١٨٤٦ رقم ٢٣٧٦ - ٢٣٧٧.
(٤) المنار: ٧/ ٥٥٤.
(٥) المفردات ص: ٢٢٠ مادة سب.

<<  <  ج: ص:  >  >>