للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزعم أن قول كلمة نقص في الحجارة التي يعبدونها - يتسبب عنه غضبهم غيرة على تلك الحجارة التي يعتقدون من صميم قلوبهم أنها آلهة تنفع وتضر، وأنهم "لو كانوا صادقين بأن عبادتهم لأصنامهم تقربهم إلى الله زلفى ما اجترؤوا أن يسبوه انتقامًا ممن يسبون آلهتهم، فإن ذلك واضح جدًا في أن الله تعالى في نفوسهم أقل من تلك الحجارة".

الجواب عن هذه الشبهة على وجوه:

الوجه الأول (١):

أن سبهم الذي يخشى أن يقع عند سب آلهتهم هو مقابلتهم لمن سب معبودهم بمثل سبه يريدون محض المجاراة فيتجاوزون الحد فيها، كما يقع كثيرًا من المختلفين في الدين والمذهب، يسب نصراني نبي المسلم فيسب المسلم نبيه ويريد عيسى عليهما الصلاة والسلام، ويسب شيعي -يلاحي سنيًا ويماريه- أبا بكر فيسب عليًا والأول يعلم أن سب عيسى كفر كَسَبِّ محمد عليهما الصلاة والسلام والثاني يعلم أن سب علي فسق (٢) كسب أبي بكر ، ومثل هذا يقع كثيرًا بل كثيرًا مَّا يتساب أخوان من أهل دين واحد يسب أحدهما أب الآخر أو معبوده فيقابله بمثل سبه، يغيظه بسب أبيه مضافاً إليه، ويعده إهانة له، فيسبه مضافًا إلى أخيه إهانة لأخيه، وهذا كله من حب الذات، والجهل الحامل على المعاقبة على الجريمة بارتكابها عينها يهين والده المعظم عنده ومعبوده الذي هو أعظم منه احتماء لنفسه وعصبية لها، وقد جاء في الصحيح عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا: "من الكبائر شتم الرجل والديه


(١) انظر في هذا تفسير المنار: ٧/ ٥٥٣ - ٥٥٤، وروح المعاني: ٧/ ٢٥١.
(٢) ذكر شيخ الإسلام اختلاف العلماء في حكم من سب أحدًا من الصحابة وأن منهم من كفره وحكم بقتله ومنهم من قال لا يكفر ولكنه يعزر ويؤدب ثم مال شيخ الإسلام إلى أن الحكم فيه تفصيل وأن منهم من لا يشك في كفره. اهـ. يراجع الصارم المسلول من ص ٥٦٧ - ٥٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>