للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من سب الله سب رسوله، أو أن الآية في القائلين بالدهر ونفاة الصانع، وهذه الوجوه ضعيفة لا تناسب سياق الآية فالوجوه السابقة كافية لمن يريد الحق والله الموفق ..

٢ - كما احتج هذا القائل (١) أيضًا بآية ثانية زاعمًا أنها تدل على أن الله تعالى أقل في نفوسهم من الحجارة وهي قوله تعالى: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ [الأنعام: ١٣٦].

الجواب: أن الآية -بحمد الله- تدل على عكس فهم هذا الزاعم وذلك لأن معناها كما قال ابن عباس ومجاهد.

أنهم -يسمون لله جزءًا من الحرث-، ولشركائهم وأوثانهم جزءًا، فما ذهبت به الريح أو سقط من جزء أوثانهم إلى جزء الله ردوه وقالوا: الله غني عن هذا، وأما ما ذهب من جزء الله إلى جزء أوثانهم لم يردوه وقالوا: إنها فقيرة ومحتاجة.

وقال السدي: "إذا هلك الذي يصنعون لشركائهم وكثر الذي لله قالوا: ليس بُدٌّ لآلهتنا من نفقة، وأخذوا الذي لله فأنفقوه على آلهتهم، وإذا أجدب الذي لله وكثر الذي لآلهتهم قالوا لو شاء أزكى الذي له فلا يردون عليه شيئًا مما للآلهة" (٢).

هذان التفسيران المأثوران يدلان على أن الله تعالى أعظم في نفوسهم من آلهتهم، لوصفهم الله تعالى بالغنى على التفسير الأول وبالمشيئة المطلقة على الثاني، ولوصفهم أوثانهم بالفقر والحاجة، وعدم المشيئة.


(١) انظر مفاهيم: ٢٧.
(٢) الطبري: ٨/ ٤١ - ٤٢، والبغوي: ٢/ ١٣٣، وابن كثير: ٢/ ١٧٩، والرازي: ٧/ ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>