للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا واضح جدًا فالآية تدل على عكس ما زعمه، ثم إنا لو سلمنا أنها تدل على أن الله أقل من أصنامهم فلا نسلم أنها تدل على عدم اعتقادهم بالربوبية، لما مر في الآية السابقة من الوجه الخامس من أن التفضيل في أشياء مخصوصة ليس تفضيلًا مطلقًا.

٣ - واحتج أيضًا بشبهة أخرى ثالثة وهي قول (١) أبي سفيان يوم أحد "اعل هبل" وقال: "ينادي صنمهم المسمى بهبل أن يعلو في تلك الشدة رب السموات والأرض ويقهره ليغلب هو وجيشه جيش المؤمنين الذي يريد أن يغلب آلهتهم" (٢).

الجواب عن هذه الشبهة بوجوه:

١ - إن معنى اعل هبل -ظهر دينك (٣) - أو أظهر دينك (٤)، وعلى هذا فهو يخبر بظهور دين هبل على دين المسلمين وليس على خالق السموات والأرض، أو يدعوه بأن يظهر دينه على دين المسلمين ويؤيد الأول تفسير ابن الجوزي له بقوله: "أي علا دينك" (٥).

٢ - ولو سلمنا أن معناه أن هبل أعلى من إله المسلمين فهو على قصد أن إله المسلمين غير خالق السموات والأرض، فإن المشركين لا يعترفون بأن الله هو الذي أرسل محمدًا لله بل يقولون إنه ساحر وكاذب وشاعر إلى آخر ذلك.

ومن الدلائل الصريحة في ذلك قول سهيل بن عمرو في قصة


(١) أخرجه البخاري: ٧/ ٣٤٩ رقم ٤٠٤٣.
(٢) مفاهيم: ٢٧.
(٣) هكذا فسره ابن إسحاق كما في سيرة ابن إسحاق تحقيق سهيل ذكار: ٣٣٣ ونقله عنه في الفتح: ٧/ ٣٥٢، وفسره الكلبي في الأصنام: ٢٨ أي علا دينك.
(٤) نقله هكذا عن ابن إسحاق في الروض الأنف: ٣٠/ ١٧٠، وفي سيرة ابن هشام: ٣/ ٩٣، وفي نسخة لكتاب الأصنام أعل هبل أعل دينَك.
(٥) تلبيس إبليس ص: ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>