للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديبية عندما أملى الرسول على الكاتب وهو علي بن أبي طالب "هذا ما قاضي عليه محمد رسول الله" فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال النبي : "والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب محمد بن عبد الله" (١).

٣ - وإذا كان هناك احتجاج بكلام الكفار في الحرب فيقال لهذا القائل: ماذا تقول في قول أبي جهل يوم بدر: "اللهم أقطعنا للرحم وأتانا بما لا نعرف فأحنه الغداة فكان ذلك استفتاحًا منه فنزلت: ﴿إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ﴾ (٢) [الأنفال: ١٩].

فقد استفتح أبو جهل بالرب دون اللات والعزى وهبل.

الخلاصة:

قد تبين مما سبق أن أكثر الأمم معترفون بتوحيد الربوبية، وخاصة مشركو العرب الذين نزل فيهم القرآن وأنهم إنما أشركوا بصرفهم العبادة لغير الله تعالى بزعمهم الشفاعة والوساطة والتقريب، وأن القول بنفي الربوبية لا يعرف إلا ما يقال احتمالًا وافتراضًا أو من شرذمة قليلة فسدت فطرتها فتنكرت لما تفرضه الفطرة، وتوجبه البديهة وتظاهرت بالإنكار مع أنها في الحقيقة تقر بذلك ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾ [النمل: ١٤]، وقال موسى لفرعون: ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ﴾ [الإسراء: ١٠٢].


(١) البخاري: ٥/ ٣٣١ رقم ٢٧٣١.
(٢) أخرجه أحمد: ٥/ ٤٣١، وابن جرير: ٩/ ٢٠٧، والحاكم: ٢/ ٨٢، ونسبه في الدر المنثور: ٣/ ١٧٥، أيضًا إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والنسائي وابن المنذر وغيرهم كلهم من حديث عبد الله بن ثعلبة بن صغير وقد صححه الحاكم ووافقه الذهبي كما صححه الشيخ مقبل بن هادي في الصحيح المسند من أسباب النزول: ٧٢ وللحديث شواهد من مراسيل التابعين، انظرها في الدر وابن جرير:

<<  <  ج: ص:  >  >>