للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الدعاء بمعنى النداء والسؤال فيجوز صرفه لغير الله تعالى، فالممنوع هو دعاء غير الله تعالى بمعنى العبادة لا بمعنى السؤال.

وقالوا: فنحن لم نعبد غير الله تعالى، وإنما المقصود بدعائنا هو التوسل والتشفع فقط لا العبادة.

الجواب عن هذه الشبهة بوجوه:

١ - إن هذا القول يصادم النصوص الواضحة التي سمت دعاء المسألة عبادة وهي كثيرة: فمن ذلك قوله : «الدعاء العبادة» (١).

ومن ذلك بعض الآيات التي وردت فيها كلمة الدعاء ومتصرفاتها وأريد بها دعاء المسألة نصًا، فلا يمكن تأويلها بالعبادة فهي آيات صريحة في موضع النزاع، منها قوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٠) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ﴾ [الأنعام: ٤٠، ٤١].

وقوله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا﴾ [الإسراء: ٥٦].

وقوله تعالى: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ [الرعد: ١٤].

فالمراد بالدعاء في هذه الآيات دعاء المسألة كما هو واضح من سياق الآيات.

ويدل على ذلك في الآية الأولى قوله: ﴿فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ﴾ لأن الكشف هو إجابة الدعاء. كما يدل على ذلك في الآية الثانية قوله: ﴿فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ


(١) تقدم تخريجه ص: ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>