للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهم طواف الحجاج ببيت الله الحرام ويخاطبون الميت بالكلمات الكفرية ويهتفون بأسمائهم عند الشدائد (١).

قال ابن القيم: فالشرك والكفر هو شرك وكفر لحقيقته ومعناه لا لاسمه ولفظه، فمن سجد لمخلوق وقال: ليس هذا بسجود له هذا خضوع وتقبيل الأرض بالجبهة أو هذا إكرام لم يخرج بهذه الألفاظ عن كونه سجوداً لغير الله، وكذلك من ذبح للشيطان ودعاه واستعاذ به وتقرب إليه بما يحب فقد عبده وإن لم يسم ذلك عبادة (٢).

فتبين مما سبق أن ما يفعله عباد القبور من دعاء أصحابها وسؤالهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات والتقرب إليهم بالذبائح والنذور عبادة منهم للمقبورين وإن كانوا لا يسمونه ولا يعتقدونه عبادة.

ومن كيد الشيطان أنه لما علم أن كل من قرأ القرآن أو سمعه ينفر من الشرك ومن عبادة غير الله تعالى ألقى في قلوب الجهال أن ما يفعلونه مع المقربين وغيرهم ليس عبادة لهم وإنما هو توسل وتشفع بهم والتجاء إليهم ونحو ذلك، فسلب العبادة والشرك اسمهما من قلوبهم وكساهما أسماء لا تنفر عنها القلوب (٣).

٦ - إن السبب الذي أوقعهم فيما قالوا أنهم ضيقوا مفهوم العبادة وظنوا أنها لا تشمل إلا نحو السجود والركوع.

كما ظنوا أن العبادة لا يكون صرفها لغير الله شركاً إلا إذا اعتقد التأثير من دون الله، وقد صرح بعضهم بذلك. فقال: وإنما النداء الذي يكون عبادة هو نداء من يعتقدون ألوهيته واستحقاقه العبادة، فيرغبون إليه ويخضعون بين يديه فالذي يوقع في الإشراك هو اعتقاد ألوهية غير الله


(١) تطهير الاعتقاد: ٢٢.
(٢) بدائع الفوائد: ٢/ ٢٣٥.
(٣) الانتصار لحزب الله: ١١ - ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>