للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من صنم ونحوه بأن الثاني يسمى دعاء والأول نداء؟ فإن قال: الكل يسمى نداء لا دعاء، فهذا مشاقة للقرآن ومحادة الله ورسوله (١)؛ لأنَّه قد وردت آيات كثيرة جداً تسمي نداءَ ما يعبد من دون الله دعاء وذكرنا أمثلتها في التعريف (٢) فيما تقدم.

٥ - وأما ادعاء أن دعاء الصالحين لا يسمى عبادة وإنما يسمى توسلاً أو شفاعة أو تبركاً إلى آخر تلك التأويلات فهو قول باطل لأن الأسماء لا أثر لها ولا تغير المعاني، ضرورة لغوية وعقلية وشرعية، فتغيير الاسم لا يغير حقيقة المسمى ولا يزيل حكمه (٣)؛ لأن العبرة بالمقاصد لا بالألفاظ والأسماء، كما يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [الأحزاب: ٥]، وقال : إنما الأعمال بالنيات" (٤).

وقد أخبر المصطفى صلوات الله وسلامه عليه أنه سيأتي قوم يشربون الخمر ويسمونها بغير اسمها (٥).

فالخمر هي من الخمر ولو سموها -زوراً وبهتاناً- شراباً روحياً أو غير ذلك الأسماء البراقة الخادعة.

وكذلك دعاء -غير الله تعالى- لا يتغير بتسميته توسلاً وتشفعاً وتبركاً، وكذلك تسمية من يعتقدون فيه أولياء لا تخرجهم عن اسم الأصنام والأوثان، إذ هم معاملون لهم معاملة المشركين للأصنام ويطوفون


(١) المرجع نفسه ص: ٢٥، وتأسيس التقديس ص: ٥٢.
(٢) تقدم ص: ٣٢.
(٣) تطهير الاعتقاد: ٢٠، والانتصار لحزب الله ص: ١٠.
(٤) البخاري: ٩/ ١ رقم ١، ومسلم: ٣/ ١٥١٥ رقم ١٩٠٧.
(٥) أخرجه أبو داود: ٤/ ٩٣ رقم ٣٦٨٨، وابن ماجه: ٢/ ١٣٣٣ رقم ٤٠٢٠، وأخرجه البخاري عن شيخه هشام بن عمار على صورة التعليق جازماً به "البخاري مع الفتح: ١٠/ ٥١ رقم ٥٥٩٠" والحديث صحيح بلا شك خلافاً لابن حزم وله شواهد ساقها الحافظ ابن حجر في الفتح: ١٠/ ٥١ - ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>