للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتشفع بالنبي إلى ربه " (١).

ثم ذكر أن معنى الاستغاثة طلب الغوث، فالمستغيث يطلب من المستغاث به أن يحصل له الغوث من غيره، وإن كان أعلى منه، فالتوسل والتشفع والتوجه والاستغاثة بالنبي وسائر الأنبياء والصالحين ليس لها معنى في قلوب المسلمين غير ذلك … وإذا صح المعنى فلا عليك في تسميته توسلاً أو تشفعاً أو توجهاً أو استغاثة.

ثم ذكر أنه لو سلم أن لفظ الاستغاثة يستدعي النصر على المستغاث منه فالعبد يستغيث بالنبي وغيره من الصالحين متوسلاً بهم إلى الله ليغيثه على من استغاث منه، والمستغاث به في الحقيقة هو الله تعالى، والنبي واسطة بينه وبين المستغيث (٢)، ويقول أيضاً: "فالله تعالى مستغاث، فالغوث منه خلقاً وإيجاداً، والنبي مستغاث، والغوث منه تسبباً وكسباً" (٣).

فهو يعترف بأن الاستغاثة بالصالحين لا مانع منها، ويعلل ذلك بأن القصد من الاستغاثة بهم كونهم واسطة بين المستغيث بهم وبين الله تعالى.

وقد عرف أن هذا الاعتقاد بالواسطة هو عين ما يعتقده المشركون الأوائل.

كما يري أن إسناد الاستغاثة إلى المخلوق بمعنى أنهم مكتسبون لها ومتسببون فيها لا مانع، فهو يشير بهذا إلى كسب الأشعري المعروف.

فعلى قوله فإسناد الاستغاثة إلى النبي في حال مماته كإسناد الاستغاثة إليه في حال حياته؛ لأن الكل من باب الكسب والتسبب، وأما المؤثر الحقيقي في الحالتين فهو الله تعالى.


(١) شفاء السقام: ١٧١.
(٢) المصدر نفسه: ١٨٣ - ١٨٤.
(٣) المصدر نفسه: ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>