للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفعل وأن ذلك كسب وليس فعلاً وهو يرجع في الحقيقة إلى قول الجبرية كما تقدمت (١) الإشارة إلى ذلك. فهذا اعتراف منهم بأنهم يعتقدون أن الاستغاثة قد وقعت فعلاً وحصلت من المستغاث به، وأنَّه يقدر على الإغاثة وإن كانوا يؤولون في معنى القدرة، وأن المؤثر الحقيقي هو الله تعالى.

٤ - إنه لا فرق بين الاستغاثة وبين التوسل والتشفع وأن المراد من الكل هو توسط النبي أو الولي في قضاء الحاجات.

وقد علمنا أن عقيدة التوسط والشفاعة هي التي يعتقدها المشركون.

وقد نقل (٢) كلام الهيتمي هذا -أحمد زيني دحلان- واحتج به وممن صرح بذلك الدجوي (٣) فإنه قال:

"والحاصل أنه لا يكفر المستغيث إلا إذا اعتقد الخلق والإيجاد لغير الله تعالى … فإنه إن اعتقد الإيجاد لغير الله كفر على خلاف للمعتزلة في خلق الأفعال وإن اعتقد التسبب والاكتساب لم يكفر، وأنت تعلم أن غاية ما يعتقد الناس في الأموات هو أنهم متسببون ومكتسبون كالأحياء لا أنهم خالقون موجدون كالإله، إذ لا يعقل أن يعتقد فيهم الناس أكثر من الأحياء، وهم لا يعتقدون في الأحياء إلَّا الكسب والتسبب، فإذا كان هناك غلط فليكن في اعتقاد التسبب والاكتساب لأن هذا هو غاية ما يعتقده المؤمن في المخلوق وإلا لم يكن مؤمناً والغلط في ذلك ليس كفراً ولا شركاً" (٤).


(١) مر في ص: ٣٤٢.
(٢) خلاصة الكلام: ٢٥٣ - ٢٥٤، والدرر السنية: ١٧ - ١٨.
(٣) هو يوسف بن أحمد المصري المالكي الضرير له عدة مقالات في نشر البدع ورد السنن نشرها في مجلة الأزهر (ت ١٣٦٥ هـ). انظر معجم المؤلفين ١٣/ ٢٧٢.
(٤) التوسل وجهلة الوهابيين: ٢٧٩ - ٢٨٠، وذكر نحوه عنهم في جلاء العينين: ٤٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>