للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الله تعالى (١)، ويمكن أن يقال أيضاً: إنهم لا زالوا يتقربون كما ورد أن موسى يصلي في قبره (٢)، وأما الرجاء والخوف فلا ينقطع إلا بعد دخول الجنة يوم القيامة.

فتبين بهذا أن الآية عامة في المعبودين من العقلاء بدون تخصيص صنف دون صنف.

وقد اتفقت أقوال المفسرين على أن هذه الآية في المدعوين العقلاء وليست في الأصنام وإليك قول الرازي: "اعلم أن المقصود من هذه الآية الرد على المشركين وقد ذكرنا أن المشركين كانوا يقولون: ليس لنا أهلية أن نشتغل بعبادة الله تعالى، فنحن نعبد بعض المقربين من عباد الله، وهم الملائكة، ثم أنهم اتخذوا لذلك الملك الذي عبدوه تمثالاً وصورة، واشتغلوا بعبادته على هذا التأويل، والله تعالى احتج على بطلان قولهم في هذه الآية فقال: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾ وليس المراد الأصنام لأنَّه تعالى قال في صفتهم: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ﴾ وابتغاء الوسيلة إلى الله تعالى لا يليق بالأصنام البتة" (٣).

ومما يدل على أن المشركين الذين نزل فيهم القرآن يعبدون غير الأصنام ما بيّنه الله في كتابه من الشرك بالملائكة، والشرك بالأنبياء، والشرك بالصالحين، والشرك بالكواكب، والشرك بالأصنام، والشرك بالجن، وأصل ذلك كله الشرك بالشيطان، فقال تعالى في الشرك بالملائكة والأنبياء ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (٧٩) وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (٨٠)[آل عمران: ٧٩، ٨٠] وقال


(١) انظر وجه ذلك في الرد على البكري ص: ٢٨٥ - ٢٨٦.
(٢) أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة: ١٨/ ١٥٧ رقم ١٧٢، وأخرجه مسلم أيضاً من حديث أنس في: ٤/ ١٨٤٥ رقم ٢٣٧٥.
(٣) تفسير الرازي: ١٠/ ٢٣٢، وانظر فتح القدير: ٣/ ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>