للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - والواقع التاريخي يؤيد ذلك ولا يمكن إنكار الأمر الواقع، ومن ذلك:

١ - أن أكثر من في الجزيرة ارتدوا بعد وفاة النبي ، فكثير منهم رجعوا إلى الكفر وعبادة الأوثان وكثير صدقوا من ادعى النبوة كمسيلمة وغيره (١).

٢ - القرامطة الذين أخذوا الحجر الأسود وقتلوا الحجيج وأجمعت الأمة على كفرهم كانوا في شرق الجزيرة.

٥ - اعتراف كثير من العلماء السابقين بوقوع الشرك في هذه الأمة ونكتفي باعتراف الرازي فإنه ذكر أقوال الكفار في عبادتهم الأصنام والأسباب الباعثة لهم على عبادتها ثم قال: "ورابعها: أنهم وضعوا هذه الأصنام والأوثان على صور أنبيائهم وأكابرهم، وزعموا أنهم متى اشتغلوا بعبادة هذه التماثيل فإن أولئك الأكابر يكونون شفعاء لهم عند الله تعالى، ونظيره في هذا الزمان اشتغال كثير من الخلق بتعظيم قبور الأكابر على اعتقاد أنهم إذا عظموا قبورهم فإنهم يكونون شفعاء لهم عند الله" (٢).

وهذا اعتراف من الرازي بأن كثيراً من أهل زمانه يشتغلون بتعظيم القبور وأنَّه مثل عبادة التماثيل عند المشركين.

وأما قوله : "اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". فالجواب عنه بوجوه:

١ - إن الرسول لو لم يخف وقوع الشرك بقبره لما دعا وهو يدل على إمكان وقوعه، وقد دل الواقع على وقوعه، فكم من مستغيث بقبره داع له؟

٢ - إن الحديث يحمل على إجماع الأمة على جعل قبره وثناً كما


(١) دحض شبهات: ٣٩
(٢) تفسير الرازي: ١٧/ ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>