للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا كلام القرافي المالكي وقد نقل بعض كلامه هذا ابن حجر الهيتمي الشافعي مقرراً له (١).

٣ - ثم إن العلماء الذين أعذروا بالجهل قيدوه بشرط عدم قيام الحجة، فأما إذا قامت الحجة الرسالية فلم يعذروه، كما أن الجاهل إذا كان معرضاً عن طلب الحق ولا يريد الحق إذا تمكن منه فلا يعذر، فقد ذكروا (٢) أن من الكفر كفر إعراض، وكفر عناد، وإنما الذي يعذر من يريد الهدى ويؤثره ويحبه ولكنه غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم مرشد وبعضهم إنما أعذر من المسائل الدقيقة الخفية، وأما مثل هذه المسألة التي هي أصل الإسلام فلم يعذروا فيه بالجهل.

وقد تقدمت (٣) الإشارة إلى هذه المسألة.

٤ - ثم كون الجهل يعذر به على القول به -لا يجعل الشرك أمراً جائزاً ومباحاً ولا يبيح الدفاع عمن يفعل الشرك ولا السكوت عن إنكاره والرضا به. مثال ذلك لو أن رجلاً كان قريب عهد بالإسلام وشرب الخمر لجهله فهو معذور ولكن هذا لا يبيح لمن يراه أن يسكت عنه ولا أن ينكر على من ينكر عليه، كما أن هذا الشارب للخمر إذا عرف بتحريم الخمر في الإسلام ثم استمر -يكون عاصياً.

ومثل هذا ما نحن فيه لا يصلح الاعتذار بمسألة الجهل عمن يدعو غير الله تعالى في ديار المسلمين، ويعيش بينهم، كما أنه لا يكون له عذر بعد تعريفه وإقامة الحجة عليه.

٥ - ثم إن العاقل ينبغي له الابتعاد عن الشرك وذرائعه والاحتياط في ذلك حتى ولو كانت المسألة مختلفاً فيها، فإذا كان العلماء في المسائل الخلافية في الفروع يأخذون بالأحوط فكيف يكون الأمر في المسائل


(١) الإعلام بقواطع الإسلام ص: ٩٨
(٢) طبقات المكلفين ص: ٩٨ - ١٠٣، وكشف الشبهتين ص: ٨٥ - ٨٩.
(٣) تقدم ص: ٥٦٥ - ٥٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>