للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدهري عن اعتقادِ جهلٍ، أو جاهلٌ غيره: أنبت الربيع البقل رائياً إنباتَ البقلِ من الربيع فإنه لا يسمى كلامه مجازاً وإن كان بخلاف العقل في نفس الأمر، ولذلك لا تراهم يحملون نحو:

أشابَ الصغير وأفنى الكبيرَ … كَرُّ الغداة ومَرُّ العَشِي (١)

على المجاز، ما لم يعلموا أو يغلب في ظنهم أن قائله ما قاله عن اعتقاد. . ." (٢).

ويستفاد من تعريفه وشرحه له أن شرط إطلاق المجاز العقلي أن يكون ظاهر الكلام يفيد خلاف ما عند المتكلم حسب ما يفهمه المخاطب من ظاهر حال المتكلم وكلامه.

ومما يوضح معنى المجاز العقلي معرفة ضده وهو الحقيقة العقلية لأنَّه كما قيل: وبضدها تتميز الأشياء.

فلهذا نشير إلى تعريفها بالإيجاز، ومما قيل في تعريفها:

"إسناد الفعل أو ما في معناه إلى ما هو له عند المتكلم في الظاهر" (٣).

فقولهم "عند المتكلم" يريدون به أن الاعتبار في الحكم هو ما يراه المتكلم في ذلك الحكم ويعتقده، وليس الواقع ونفس الأمر، وقولهم "في الظاهر" إشارة إلى أنه لا يشترط موافقته لاعتقاد المتكلم الحقيقي. فمثلاً لو أخفى المتكلم عقيدته وتظاهر بالإسناد الحقيقي فنحن نعد إسناداً حقيقية (٤).

وقد عرف السكاكي الحقيقة العقلية بقوله:

"وهي الكلام المقاد به ما عند المتكلم من الحكم فيه، كقولك


(١) البيت للصلتان العبدي وهو قثم بن خبية من شعراء الحماسة. انظر الشعر والشعراء لابن قتيبة: ١/ ٥٠٩، وخزانة الأدب للبغدادي: ١/ ٣٠٨.
(٢) مفتاح العلوم: ٣٩٣، وانظر التلخيص: ٤٧ - ٤٨.
(٣) التلخيص للقزويني: ٤٥.
(٤) انظر شرح الجوهر المكنون: ٤١، والتلخيص: ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>