للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قال: فقلت: أحرام هو يا رسول اللَّه؟ ) لفظ البخاري: فقال خالد بن الوليد: أحرام الضب يا رسول اللَّه (١)؟ .

(قال: لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي) قال القرطبي: ظاهره أنه لم يكن موجودًا فيها، وعن بعض العلماء أن الضب موجود عندهم بمكة غير أنه قليل وأنهم لا يأكلونه (٢).

(فأجدني أعافه) أي: أجد نفسي تكرهه. ولا يلزم من كراهة النفس أن يكون مكروه الأكل في الشرع كما تقدم في التقذر، فإن المعنى: أكرهه تقذرًا، فقد أجمع العلماء على أن الضب حلال ليس بمكروه، إلا ما حكي عن أصحاب أبي حنيفة من كراهته (٣) وما حكاه عياض عن بعضهم أنه حرام (٤)، وحكي عن الثوري وعن علي نحوه (٥)، لحديث: نهى عن أكل لحم الضب (٦). ولأنه ينهش فأشبه ابن عرس وأكثر الصحابة والفقهاء على إباحته، ولم يثبت عن غيرهم خلافه؛ فكان إجماعًا.

(قال خالد) بن الوليد (فاجتررته، فأكلته ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ينظر) هذا تصريح بما اتفق عليه العلماء، وهو أن إقرار النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على الشيء وسكوته عليه إذا فعله بحضرته يكون دليلًا لإباحته، ويكون بمعنى


(١) البخاري (٥٣٩١)، وهو عند مسلم أيضًا (١٩٤٦).
(٢) "المفهم" ٥/ ٢٣٢.
(٣) انظر: "المبسوط" ١١/ ٢٣١، "بدائع الصنائع" ٥/ ٣٦، "تبيين الحقائق" ٥/ ٢٩٥.
(٤) "إكمال المعلم" ٦/ ١٨٨.
(٥) رواه ابن أبي شيبة ١٢/ ٣٦٤ (٢٤٨٤٦).
(٦) يأتي قريبًا (٣٧٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>