للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تحل) بالمثناة فوق (لنا) أي: قال: لا يحل لنا أكلها؛ لقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} (١) فأخذ بعموم الآية (ثم قال: لا) يحرم (بل نحن رسل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-) فيه أن الرسول لا يختص بمن يبلغ الرسالة، بل يعم كل من جهز في أمر لقتال أو غيره، يسمى رسولًا، وأن الرسول في الطاعة والمباح يترخص برخص السفر.

قال المنذري: ذكر غير واحد من الحفاظ الذين خرج حديثهم العلماء في الصحيحين متفقين ومنفردين، ولم يذكروا فيهم أبا عبيدة بن الجراح، لكونه عندهم لم يقع شيء من حديثه في الصحيحين، وذكر أبو مسعود الدمشقي في "تعليقه" وأبو عبد اللَّه الحميدي أن قول أبي عبيدة: (رسل رسول اللَّه). هو من مسند أبي عبيدة، وباقيه من مسند جابر بن عبد اللَّه، ويقال: انفرد بقوله: (نحن رسل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-). أبو الزبير، وسائر الرواة عن جابر لا يذكرونها، وليس لأبي عبيدة في الصحيح غير هذا (٢).

(وفي) الجهاد وهو في (سبيل اللَّه تعالى، وقد اضطررتم إليه) أي إلى أكله (فكلوا) منه. معنى الحديث أن أبا عبيدة قال أولًا باجتهاده: أن هذِه ميتة، والميتة حرام. ثم تغير اجتهاده وقال: بل هو حلال لكم، وإن كان ميتة؛ لأنه في سبيل اللَّه وقد اضطررتم، وقد أباح اللَّه الميتة لمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ، وهذا يدل على جواز العمل بأصل العموم على ظاهره، والعمل به من غير حجر المخصصات، فإن أبا عبيدة حكم


(١) المائدة: ٣.
(٢) "الجمع بين الصحيحين" ١/ ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>