للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من إصابة (عين) كما في: "أذهب البأس رب الناس"، في الحديث قبله (أو) رقية من (حمة) بضم الحاء المهملة، وفتح الميم المخففة، فليس هذا الحصر الذي في الحديث على بابه حتى يدل بمفهومه على عدم جواز الرقية في غيرهما، بل هو كقولهم: لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي. والحمة أصلها: حمو أو حُمَى بوزن صُرَد، والهاء فيها عوض من الواو المحذوفة أو الياء، مثل: سمة من الوسم، وهذا على تخفيف الميم، أما من شدَّد فالأصل عنده حُمَمة، ثم أدغم، كما في الحديث: "العالم مثل الحمة" (١)، وهي عين ماءٍ جارٍ ببلاد الشام، يستشفي بها المرضى، وأنكر الأزهري تشديد الميم.

والمراد بالحمة السم من ذوات السموم، وقد تسمى إبرة العقرب والزنبور ونحوهما حمة؛ لأن السم منهما يخرج، فهو من التجوز بالشيء على ما يجاوره.

ومن أنفع الرقى للديغ من الحية والعقرب ونحوهما الرقية بفاتحة الكتاب كما في الصحيحين (٢)، وقد قيل: إن موضع الرقية من الفاتحة: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ولا ريب أن هاتين الكلمتين من أقوى أجزاء هذا الدواء، وفي تأثير الرقى بالفاتحة وغيرها سر بديع؛ فإن ذوات السموم أثرت بكيفيات نفوسها الخبيثة وسلاحها حماتها التي تلدغ بها، وهي لا تلدغ حتى تغضب، فإذا غضبت ثار فيها السم فتقذفه بآلتها، وقد جعل اللَّه لكل شيء ضدًّا، ونفس الراقي


(١) انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد الهروي ٢/ ٤٥٦.
(٢) رواه البخاري (٢٢٧٦)، ومسلم (٢٢٠١) من حديث أبي سعيد الخدري.

<<  <  ج: ص:  >  >>