للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واختلفوا في وجوب الكفارة، فقال الشافعي ومالك وأبو حنيفة: لا يجب شيء، بل يستحب أن يتصدق إن وطئ في أول الحيض بدينار، وإن وطئ في آخره فنصف دينار، ويستغفر اللَّه تعالى (١)، لما روى الترمذي عن ابن عباس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا كان دمًا أحمر فدينار، وإن كان دمًا أصفر فنصف دينار" (٢).

(أو أتى امرأة (٣)، قال مسدد) في روايته (امرأته في دبرها فقد برئ مما أنزل على محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-) تحريم الوطء في الدبر أغلظ تحريمًا من وطء الحائض؛ لأن الحائض إنما حرم وطؤها للنجاسة العارضة، فتحريم الدبر أولى، لأن نجاسته لازمة، واللازمة أولى من العارضة. وقال مالك لابن وهب وعلي بن زياد لما أخبراه أن ناسًا يتحدثون عنه أنه يجيز وطء المرأة في دبرها، فنفر من ذلك وبادر إلى تكذيب الناقل، وقال: كذبوا علي ثلاثًا. ثم قال: ألستم قومًا عربًا؟ ألم يقل اللَّه تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} (٤) وهل يكون الحرث إلا في موضع


(١) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" ١/ ١٧٣، "المبسوط" ١٠/ ١٥٩، "الذخيرة" للقرافي ١/ ٣٧٧، "الحاوي" ٩/ ٣١٥، "الأوسط" لابن المنذر ٢/ ٣٣٧.
(٢) "سنن الترمذي" (١٣٧) وقال أبو عيسى: حديث الكفارة في إتيان الحائض قد روي عن ابن عباس موقوفًا ومرفوعًا. ضعفه الألباني في "المشكاة" ١/ ١٧٤ (٥٥٤)، قال: إسناده ضعيف؛ فيه عبد الكريم، وهو ابن أبي المخارق أبو أمية، كما هو مصرح به في رواية البيهقي، وقال: وهو مجمع على ضعفه.
(٣) بعدها في جميع النسخ: حائضًا. والصواب حذفها.
(٤) البقرة: ٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>