للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العام، وقد وبئت الأرض فهي وبئة، ووبئت أيضًا فهي موبوءة، وأوبأت فهي موبئة (أو قال: وباؤها) بالقصر والمد كما ذكر وبؤها (شديد. فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: دعها عنك) أي: لا تأتها (فإن من القرف) بفتح القاف والراء ثم فاء، وهو ملابسة الداء ومقاربة الوباء ومداناة المرضى، وكل شيء قاربته فقد قارفته.

(التلف) هو الهلاك، يعني: من قارب متلفًا يتلف، يعني: إذا لم يكن هواء تلك الأرض موافقًا لك فاتركها, وليس هذا من باب العدوى، إنما هو من باب الطب، فإن استصلاح الهواء من أعون الأشياء على صحة الأبدان، وفساد الهواء من أسرع الأشياء إلى الإسقام، وفي حديث عمر قال له رجل من البادية: متى تحل لنا الميتة؟ قال: إذا وجدت قرف الأرض فلا تقربها. أراد ما يقترف من بقل الأرض وعروقه، أي: يقتلع، وأصله: أخذ القشر منه، وفي حديث ابن الزبير: ما على أحدكم إذا أتى المسجد أن يخرج قرفة أنفه (١). أي: قشرته، يريد المخاط اليابس اللازق به.

واعلم أن في المنع من الدخول إلى الأرض الوبئة حِكمًا:

أحدها: تجنب الأسباب المؤدية والبعد منها.

الثاني: الأخذ بالعاقبة التي هي مادة مصالح المعاش والمعاد.

الثالث: أن لا يستنشقوا الهواء الذي قد عفن وفسد، فيكون سببًا للتلف.


(١) انظر: "غريب الحديث" لابن قتيبة ٢/ ٤٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>