للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجوبًا بما هو قانون في أمثال هذِه الأشياء، أن كل صفة ثبتت للعبد مما يختص بالأجسام، فإذا وصف اللَّه بذلك فذاك محمول على نهايات الأعراض لا على بدايات الأعراض، مثاله أن الحياء حالة تحصل للإنسان لكن لها مبدأ ومنتهى، أما المبدأ فهو التغير الجسماني الذي يلحق الإنسان من خوف أن ينسب إلى القبيح، وأما النهاية فهي أن يترك الإنسان ذلك الفعل، فإذا ورد الحياء في حق اللَّه فليس المراد منه ذلك الخوف الذي هو مبدأ الحياء ومقدمته، بل ترك الفعل الذي هو منتهاه وغايته.

وكذلك الغضب له مقدمة، وهي غليان دم القلب، وشهوة الانتقام، وله غاية وهو إنزال العقاب بالمغضوب عليه (١).

(سِتِّير) بكسر السين، أي: يحب الحياء والستر، أو هو فعيل بمعنى فاعل، أي: من شأنه وإرادته حب الستر والصون، أو هو فعيل بمعنى مفعول، أي: هو مستور عن العيون في الدنيا.


(١) ما ذكره المصنف من التأويلات لصفتي الحياء والستر، ومعهم صفة الغضب، ليس بمستغرب؛ إذ ظهر من كلامه -رحمه اللَّه- أنه أشعري العقيدة، ولكن الحق أن يتبع؛ فنقول: الصحيح من مذهب سلف الأمة وخلفها من لدن الصحابة إلى اليوم أن للَّه سبحانه وتعالى أسماء وصفات لا تماثل صفات المخلوقين بحال كما يزعم المشبهة، ومع ذلك فله كيفية ومعنى، ونحن نعلم المعنى ونجهل الكيفية ونثبتها على الوجه اللائق به عز وجل.
وقد توافرت الأدلة -غير هذا الدليل- على إثبات هذِه الصفات للَّه عز وجل، إلا أن المقام لا يتسع لذكرها.
انظر: "الأسماء والصفات" للبيهقي ٢/ ٤٣٣، "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ٤/ ١٨١، "النهج الأسنى في شرح أسماء اللَّه الحسنى" ٣/ ٩٩، ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>