للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي هذا الحديث وهذا الحديث الذي فيه ذكر نوح عليه السلام ما يدل على أن الحمد بمعنى الشكر، فإن الحمد يوضع موضع الشكر، ولا يوضع الشكر موضع الحمد.

وفيه دلالة على أن شكر النعمة وإن قلت؛ سبب نيل لمغفرة ما تقدم من الذنوب وما تأخر. كما سيأتي.

(ورزقنيه) ظاهر إطلاقه يدل على أن الحمد يقال عقب أكل الحلال والمكروه والحرام والمشتبه، وفيه إشارة إلى مذهب أهل السنة أن الرزق يطلق على الحرام (١).


(١) الرزق عند أهل السنة كل ما ساقه اللَّه تعالى إلى خلقه فينتفعوا به حلالًا كان أو حرامًا.
قال صاحب "الدرر البهية":
والرزق ما ينفع من حلال ... أو ضده فحل عن المحال
لأنه رازق كل الخلق ... وليس مخلوق بغير رزق
وقالت المعتزلة: إن اللَّه لا يرزق الحرام لقبحه، كما لا يملك اللَّه الحرام، وأن من غصب إنسانًا مالًا أو طعامًا فانتفع به فقد انتفع بما رزق اللَّه به غيره ولم يرزقه إياه. وقد سُئل شيخ الإسلام عن الرجل إذا قطع الطريق وسرق أو أكل الحرام ونحو هذا، هل هو رزقه الذي ضمنه اللَّه تعالى له أم لا؟ فأجاب أنه ليس هذا الرزق الذي يحبه اللَّه ويرضاه، بل من أنفق من الحرام فإن اللَّه تعالى يذمه ويستحق بذلك العقاب في الدنيا والآخرة بحسب ديته، ولكن هذا هو الرزق الذي يسبق به علم اللَّه وقدره، أما الرزق الذي ضمنه اللَّه لعباده فهو قد ضمنه لمن يتقيه، أما من ليس من المتقين فضمن له ما يناسبه بأن يمنحه ما يعيش به في الدنيا ثم يعاقبه في الآخرة "مجموع الفتاوى" ٨/ ٥٤٣، وانظر: "الإبانة" لابن بطة ١/ ١٦٦، "مقالات الإسلاميين" ١/ ٢٠٥، "لوامع الأنوار" للسفاريني ١/ ٣٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>