للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البدري لا يؤاخذ به لهذا الوعد الصادق. وقيل: المعنى أن أعمالهم السيئة تقع مغفورة، فكأنها لم تقع.

وقيل: إنهم حفظوا، فلا يقع من أحد منهم سيئة.

ومما يدخل في هذا المعنى رواية مسلم أن صوم عرفة يكفر ذنوب سنتين، سنة ماضية وسنة آتية (١). ففيه دلالة على وجود التكفير قبل وقوع الذنب، فهو من شواهد صحة ذلك، ومن هذا المعنى ما أخرجه ابن حبان في "صحيحه": عن عائشة قالت: رأيت من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- طيب نفس، فقلت: يا رسول اللَّه، ادع لي؛ فقال: "اللهم اغفر لعائشة ما تقدم من ذنبها وما تأخر" (٢).

وروى ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن حسان بن عطية أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لعثمان: "غفر اللَّه لك ما قدمت وما أخرت" (٣). وهو مرسل قوي.

فدعاء المعصوم لبعض أمته بذلك دال على جواز وقوعه، ومن هذا المعنى رواية مسلم عن علي: "ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت. . " الحديث بطوله (٤)، وليس هذا من خصائصه، بل هذا الدعاء استشهد به أصحابنا وغيرهم على استحباب الدعاء به في التشهد الأخير، فيحتمل أن يكون المعنى: وفقني فيما تأخر من عمري للعمل الصالح، أنت تقدم من


(١) "صحيح مسلم" (١١٦٢) من حديث مطول لأبي قتادة مرفوعًا.
(٢) ١٦/ ٤٧ - ٤٨ (٧١١١).
(٣) ٦/ ٣٦٧ (٣٢٠٥٠).
(٤) "صحيح مسلم" (٧٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>