للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لي ذؤابة) بضم الذال كما تقدم (فقالت لي أمي: لا أجزُّها) عنك أبدًا فقد (كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يَمُدُّها) بفتح الياء وضم الميم، أي: يبسطها بيده الكريمة (ويأخذ بها) إليه، وهذا من تلطفه بخادمه وتودده وحسن عشرته -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفيه التبرك بآثار الصالحين والاحتراص على ادخار ما لمسوه بأيديهم أو جلسوا عليه أو كان من لباسهم (١).


(١) التبرك بآثار الصالحين من البدع التي ظهرت لا سيما في هذِه الأيام، ولو لم يكن فيه من شيء إلا فتح باب الشرك لكفى، وقد ذكر الشاطبي وغيره إجماع الصحابة على ترك التبرك بأحد سوى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وها أنا أسوق كلام الشاطبي بنصه من كتابه الماتع الجامع الفريد في البدع والأهواء "الاعتصام"؛ وذلك لأهميته وتفصيله في هذِه المسألة، فقال رحمه اللَّه ٢/ ٣٠٠ وهو يسوق أمثلة للبدع المشتبهة:
ثبت في الصحاح عن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- كانوا يتبركون بأشياء من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ففي البخاري عن أبي جحيفة -رضي اللَّه عنه- قال: خرج علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالهاجرة، فأتي بوضوء، فتوضأ، فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه فيتمسحون به. . . الحديث. وفيه: كان إذا توضأ يقتتلون على وضوئه.
وعن المسور -رضي اللَّه عنه- في حديث الحديبية: وما انتخم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده.
وخرج غيره من ذلك كثيرًا في التبرك بشعره وثوبه وغيرهما، حتى أنه مس بإصبعه أحدهم بيده، فلم يحلق ذلك الشعر الذي مسه -عليه السلام- حتى مات.
وبالغ بعضهم في ذلك، حتى شرب دم حجامته. . . إلى أشياء كهذا كثيرة.
فالظاهر في مثل هذا النوع أن يكون مشروعا في حق من ثبتت ولايته واتباعه لسنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأن يتبرك بفضل وضوئه، ويتدلك بنخامته، ويستشفى بآثاره كلها، ويرجى نحوه مما كان في آثار المتبوع الأعظم -صلى اللَّه عليه وسلم-.
إلا أنه عارضنا في ذلك أصل مقطوع به في متنه، مشكل في تنزيله، وهو أن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- بعد موته -عليه السلام- لم يقع من أحد منهم شيء من ذلك بالنسبة إلى من خلفه، إذ لم يترك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعده في الأمة أفضل عن أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه-، فهو كان =

<<  <  ج: ص:  >  >>