الآية كانت قرآنًا يتلى ويحفظ ويفهم معناها، وقد قال ذلك عمر بن الخطاب بمحضر من الصحابة وفي معدن الوحي، وشاعت هذِه الخطبة في المسلمين وتناقلها الركبان، ولم يسمع في الصحابة ولا من بعدهم من أنكر شيئًا مما قاله عمر ولا راجعه في حياته ولا من بعد موته، فكان ذلك إجماعًا منهم على كونه قرآنًا وعلى صحة هذا النوع من النسخ، وهو نسخ التلاوة مع بقاء الحكم، والنسخ على ثلاثة أقسام: نسخ التلاوة والحكم، ونسخ الحكم مع بقاء التلاوة، ونسخ التلاوة مع بقاء الحكم (١)، كما في هذا الموضع، وفروع هذا وأمثلته مقرر في كتب الأصول، وكتب الناسخ والمنسوخ.
(ورجم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ورجمنا من بعده) يعني: نفسه وأبا بكر رضي اللَّه عنهما (وإني خشيت إن طال بالناس الزمان أن يقول قائل: ما نجد آية الرجم في كتاب اللَّه تعالى فيضلوا) بفتح الياء، يعني: عن الهدى (بترك فريضة أنزلها اللَّه تعالى) وهذا الذي خشيه عمر وتوقعه قد وقع بعده للخوارج والنَّظَّام، فإنهم أنكروا الرجم، فهم ضالون بشهادة عمر -رضي اللَّه عنه-، وهذا من الحق الذي جعله اللَّه على لسان عمر وقلبه -رضي اللَّه عنه-، ومما يدل على أن عمر كان محدثًا بكثير مما غاب عنه، كما شهد له بذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(فالرجم حق) أي: ثابت بكتاب اللَّه تعالى قبل نسخه، وقد رجم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ماعزًا والغامدية وغيرهما.
(إذا كان محصنًا) أي: جامع في نكاح صحيح وهو حر عاقل، سواء