للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فقال: انزلا، فكلا من جيفة هذا الحمار) هو كقوله تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} (١) لكن لما كانت غيبة الميت المرجوم أقبح من غيبة الحي؛ لأنهم أفضوا إلى ما قدموا، وكان الميت قد صار جيفة بموته شبه غيبته بأكل جيفة حمار ميت، ولما كانت غيبة أخيه الحي دون ذلك شبهها بأكل لحم أخيه الميت من غير ذكر الجيفة.

(فقالا: يا نبي اللَّه من يأكل من هذا؟ ) ورواية الحافظ أبي يعلى: قالا: غفر اللَّه لك يا رسول اللَّه، وهل يؤكل هذا؟ ! (٢).

(قال: فما نلتما من عرض أخيكما آنفًا) بالمد والقصر لغتان قرئ بهما في السبع (٣)، أي: قريبًا (أشد) بالرفع خبر المبتدأ الذي هو (ما)، أي: أشد عند اللَّه إثمًا (من أكل) بإسكان الكاف جار ومجرور، ورواية أبي يعلى: "أشد أكلًا" (٤) (منه)، ورواية ابن حبان: "أشد من أكل هذِه الجيفة" (٥) وفي هذا الحديث والآية الزجر الأكيد، وأن تحريم غيبة الميت أشد من تحريم أكل جيفة الحمار، وفي هذا التنفير عنها، والتحذير منها كما قال -عليه السلام-: "العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يرجع فيه" (٦). وفي الباب أحاديث كثيرة ليس هذا موضعها.


(١) الحجرات: ١٢.
(٢) "مسند أبي يعلى" ١٠/ ٥٢٤.
(٣) قرأها بقصر الهمزة ابن كثير وحده في رواية مضر عن البزي، وقرأ قنبل عن ابن كثير بالمد كالجماعة. انظر: "السبعة" لابن مجاهد ص ٦٠.
(٤) "مسند أبي يعلى" ١٠/ ٥٢٤.
(٥) "صحيح ابن حبان" ١٠/ ٢٤٥.
(٦) رواه البخاري (٢٥٨٩)، ومسلم (١٦٢٢) من حديث ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>