للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي قوله: (حتى تلدي) دليل على أن الجنين وإن كان من زنا له حرمة، وأن الحامل لا تحد حتى تضع حملها، وهذا مما لا خلاف فيه، إلا شيء روي عن أبي حنيفة على خلاف عنه فيه (١). وإذا قلنا: فهل تحبس؟ ظاهر الحديث أنها لا تحبس؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يحبسها. وفصَّل الإمام في ذلك فقال: إن ثبت زناها بالإقرار احتمل أن تحبس كما يحبس المريض إلى البرء (٢)؛ لأنها إن كانت لا تستسلم فصعب عليها الرجوع كما في الحديث، ويحتمل أن يقال: تحبس، فإن رجعت عن الإقرار خلينا سبيلها، وجزم البغوي (٣) بالأول، وقياس هذا إن ثبت الزنا بالبينة حبست (فقالت: قد ولدته، فقال: ارجعي، فأرضعيه) بفتح الهمزة وكسر الضاد (حتى تفطميه) بفتح التاء وكسر الطاء، فيه أن الأم إذا وضعت لا يقتص منها بعد وضعها حتى تسقي ولدها اللبأ، ويستغني عنها بلبن غيرها، وفيه أن الحمل يعرف ويحكم به، وهذا هو الصحيح في مذهبنا (٤).

وقد اختلف العلماء فيما إذا سقته اللبأ، واستغنى عنها بلبن غيرها، فقال أبو حنيفة (٥) ومالك (٦): لا ينتظر بها إلى أن تكفل ولدها. قال


(١) المشهور في مذهب الأحناف هو أن الحامل لا تحد حتى تضع حملها.
انظر: "النتف في الفتاوى" ١/ ٢٩٣، "تحفة الفقهاء" ٣/ ١٤٣، "الهداية" ٢/ ٣٨٧.
(٢) "نهاية المطلب" ١٦/ ١٥٧، ١٧/ ١٩٣.
(٣) "التهذيب" ٧/ ٣٣١ - ٣٣٢.
(٤) انظر: "الروضة" ٤/ ١٦٠.
(٥) انظر: "النتف في الفتاوى" ٢/ ٦٣٤.
(٦) "المدونة" ٤/ ٥١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>