للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مشرك أعطي أمانًا وعهدًا حتى دخل دار الإسلام، فلا يقتل ما دام (١) (في عهده) وأمانه حتى يعود إلى مأمنه، وقيل: تقديره: ولا يقتل ذو عهد في عهده بكافر. ومعنى ذلك وبيانه أن له تأويلين مقتضى اختلاف المذهبين.

فأما من ذهب إلى أن المسلم لا يقتل بالكافر مطلقا معاهدًا كان أو غير معاهد، وهو مذهب الشافعي (٢) فإنه حمل اللفظ على ظاهره ولم يضمنه شيئًا، فقال: "لا يقتل مسلم بكافر" والكافر من خالف ملة الإسلام سواء كان مشركًا أو كتابيًّا معاهدًا أو غير معاهد. فأما قوله: "ولا ذو عهد في عهده" فمعناه عند الشافعي: نهي عن قتل المعاهد، قال: وفائدة ذكره هنا بعد قوله: "لا يقتل مسلم بكافر" لأنه لما نفى القود عن المسلم إذا قتل الكافر عقبه بقوله: "ولا ذو عهد في عهده" لئلا يتوهم متوهم أنه قد نفى عنه القود بقتله الكافر، فيظن أن المعاهد لو قتله كان حكمه كذلك (٣)، فقال: ولا يقتل ذو عهد في عهده ويكون الكلام معطوفًا على ما قبله منتظمًا في سلكه من غير تقدير شيء، وأما من ذهب إلى أن المسلم يقتل بالذمي -وهو أبو حنيفة- فاحتاج إلى أن يضمر في الكلام شيئًا مقدرًا ويجعل فيه تقديمًا وتأخيرًا، فيكون التقدير: لا يقتل مسلم ولا ذو عهد في عهده بكافر. فكأنه قال: ولا يقتل مسلم ولا كافر بمعاهد بكافر قد يكون معاهدًا وغير معاهد.


(١) في (ل)، (م): أيام. والتصحيح من حاشية (ل).
(٢) انظر: "الحاوي الكبير" ١٢/ ١١.
(٣) "الأم" ط. دار الوفاء ٩/ ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>