للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كثرهم اللَّه! ورجل قرأ القرآن فجعله على داء قلبه، فهملت عيناه، وسهر ليله وتسربل الحزن، وارتدى الخشوع، فبهم يسقي اللَّه الغيث ويدفع البلاء، وهذا في الناس أقل من الكبريت الأحمر (١).

فمن حفظ القرآن ولم يفهمه ولا عمل بما فيه كان كما قال الشاعر:

زَوَامِلُ للأَشْعارِ لا عِلْمَ عِنْدَهُمُ ... بِأحَكامِها إِلَّا كعِلْمِ الأَباعِرِ

لَعَمْرُكَ ما يَدْرِي البَعِيرُ إِذا غَدَا ... بأَسْفَارِه أو رَاحَ ما في الغَرائِرِ

(ما هم بمتبعيَّ) بتشديد ياء النسب آخره (حتى ابتدع لهم غيره) وقد كثرت البدع وفشت في الخلق حتى لا مطمع لأحد في حصرها؛ لأنها خطأ وباطل، والخطأ لا تنحصر سبله، وإنما الذي تنحصر مداركه وتنضبط مآخذه، وهو الحق؛ لأنه أمر واحد.

(وإياكم وما ابتدع) مبني للمفعول، فيه تحذير من البدع المضلة كما سيأتي (فإن) كل (ما ابتدع ضلالة) وأصل البدعة من الاختراع، وهو الشيء يحدث من غير أصل سبق، ولا مثال احتذي، ولا ألف مثله، ومنه قولهم: أبدع اللَّه الخلق. أي خلقهم على غير مثال سبق، ومنه: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (٢). ونظير هذا ما رواه المصنف وغيره: "إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة" (٣) فالمراد بهذِه


(١) رواه بنحوه البيهقي في "شعب الإيمان" ٢/ ٥٣١ (٢٦٢١).
(٢) البقرة: ١١٧.
(٣) سلف قريبًا برقم (٤٦٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>