للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إياهم) لهم (خيرًا لهم من أعمالهم) أما كون رحمة اللَّه خيرًا من أعمال طائعي الملائكة والأولياء، فلأن أعمال تعبداتهم التي يفعلونها لا تفي بالنعم المؤثرة عليهم من ربهم ناجزًا (١) بل لا تفي بأقلها، وما كان من النعم رحمة من اللَّه، فهو خير من النعم التي هي ثواب أعمالهم، فمن أضل سبيلًا ممن يوجب على اللَّه ثواب أعمال العباد، وهي عوض بما ينجز من النعم، وأما كون رحمة اللَّه خيرا من أعمال العصاة أولي (٢) من ذلك، بل ترك العقوبة خير لهم من أعمال معاصيهم (ولو أنفقت مثل) جبل (أحد ذهبًا في سبيل اللَّه ما قبله اللَّه منك حتى تؤمن بالقدر) خيره وشره، تقدم في الحديث قبله.

(وتعلم أن ما أصابك) في دين أو دنيا من خير أو شر أو فرح أو سرور أو سبب من أسباب ذلك (لم يكن ليخطئك) شيء منه؛ لأنه سبق حكمه في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق الخلق بخمسين ألف عام، فهو كائن لا محالة. (وما أخطأك) من رزق أو غيره (لم يكن) في سابق علم اللَّه المكنون قبل خلق الخلق (ليصيبك) منه شيء، يقال: أن لا شيئا تفعل غيره أو حصل له سواه أخطأ، ويكمل هذا المعنى: لا يؤمن أحدكم أو لا يكمل إيمانه حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، ومن فهم سر هذا الحديث لم يحزن لمصيبة جاءته أو مكروه أصابه ولا يفرح بمال أصابه أو عز حصل له؛ لأن عدم وقوع ذلك كان ممتنعًا، فالممتنع لا ينبغي أن يحزن على فواته، والواجب


(١) كلمة غير واضحة بالأصول.
(٢) كذا في الأصول: وولي. ولعل المثبت الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>