للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المحاجة أنهما التقيا بأشخاصهما، وهذا كما تقرر في الأنبياء من إحيائهم بعد الموت كالشهداء، بل هم أولى بذلك، ويجوز أن يكون ذلك لقاء أرواح، وقد قال بكل قول من هذين طائفة من علمائنا، وروى بعضهم هذا الحديث، وزاد فيه أن هذا اللقاء كان بعد أن سأل موسى "فقال: يا رب، أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة. فأراه اللَّه إياه، فقال له: أنت آدم؟ فقال: نعم. . " وذكر الحديث (١).

(فقال موسى: يا آدم، أنت أبونا) وقد (خنتنا) في أكلك من الشجرة التي نهيت عن أكلها، وحصلت الخيانة لأولاده؛ لأن الضرر وصل إلى أولاده بحرمانهم سكن الجنة، وفي بعض النسخ: خيبتنا. وهي رواية مسلم (٢). أي: أوقعتنا في الخيبة وهي الحرمان والخسران، وقد خاب يخيب. ومعناه: كنت سبب خيبتنا.

(وأخرجتنا من الجنة) بأكلك من الشجرة (فقال آدم: أنت موسى) الذي (اصطفاك اللَّه) أي: اختارك على أهل زمانك (بكلامه) والمراد تخصيص اللَّه موسى بكلامه له من غير واسطة، وذلك أن من أخذ العلم عن العالم المعظم من غير واسطة أجل رتبة ممن أخذه عن واحد عنه. وفي هذا دليل على فضيلة علو الإسناد في الحديث بقلة الوسائط، فإن أقرب الأسانيد إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أعز رتبة وأجل منزلة من البعيد (وخط لك التوراة بيده) في اليد المذهبان المذكوران في مواضع: أحدهما: الإيمان بها ولا يتعرض لتأويلها مع أن ظاهرها غير


(١) الحديث الآتي.
(٢) مسلم (٢٦٥٢). وهي عند البخاري (٦١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>