للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مراد؛ لأن اللَّه منزه عن الجارحة.

والثاني: تأويلها على القدرة كما تقدم (١).

أ (تلومني على أمر قدره اللَّه تعالى علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة) المراد بالتقدير هنا الكتابة في اللوح المحفوظ أو في صحف التوراة وألواحها. أي: كتبه عليَّ قبل خلقي بأربعين سنة، ولا يصح أن يراد به حقيقة القدر، فإن علم اللَّه وما قدره على عباده وأراده من خلقه أزلي لا أول له ويستحيل تقديره بالزمان، إذ الحق سبحانه بصفاته القديمة موجود ولا زمان ولا مكان، وهذِه (الأربعين) تقديرية، فإن الزمان


(١) ما ذكره المصنف من أن معنى (اليد) فيه مذهبان، نقول: كلاهما خطأ سواء الأول أو الثاني.
أما الأول: فإنه يُقصد به أن التأويل هو ترك التعرض للمعنى، وهو خطأ؛ لأن المعروف من مذهب الصحابة والسلف الصالح وخلفهم ومن بعدهم أنهم يفوضون الكيفية لا المعنى، فيقولون في صفات اللَّه -كصفة اليد مثلًا- نثبتها للَّه عزَّ وجلَّ على ظاهرها مع عدم التعرض لكيفيتها، وتنزيه اللَّه عزَّ وجلَّ من مشابهة الخلق، ولذلك فإن اللَّه عزَّ وجلَّ قد ذى في كتابه ما يُرد به على المعطلة والمشبهة في قوله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
أما الثاني: فهو مذهب الأشاعرة ومن تبعهم من المبتدعة أمثالهم، وهو باطل، ونقول لهم: (قل ءأنتم أعلم أم اللَّه).
وقد توافرت الأدلة على إثبات صفة اليد للَّه عزَّ وجلَّ، فقد أطال وأفاد وأجاد الإمام الحافظ إمام الأئمة وشيخ الإسلام: ابن خزيمة رحمه اللَّه في كتابه "التوحيد" (ص ٥٣) من إثبات صفة اليد للَّه عزَّ وجلَّ، فانظرها هناك فإنه كاف شاف.
وانظر أيضًا ما كتبه شيخ الحنابلة وإمام المجتهدين ابن قدامة المقدسي في كتيبه -صغير الحجم عظيم النفع- المسمى بـ "لمعة الاعتقاد" فإنه جمع فيه دررًا من عقيدة السلف في الأسماء والصفات، وباللَّه التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>