للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الذي يعبر عنه بالسنين والأيام إنما هو راجع إلى أعداد حركات الأفلاك وسير الشمس والقمر في المنازل والبروج السماوية.

(فحج آدم) بالرفع موسى عليهما السلام أي: غلبه بالحجة؛ لأنه أعتذر بما سبق له من القدر عما صدر منه من المخالفة، وقبل عذره، وقامت بذلك حجته، لكن لو صح هذا للزم عليه أن يحتج به كل من عصى، يعتذر بذلك فبقي عذره وبقيت حجته، فحينئذ يكون للعصاة على اللَّه الحجة، وهو مناقض لقوله تعالى: {فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} (١) وقد اختلف العلماء في تأويل هذا الحديث، فقيل: إنما غلبه آدم بالحجة؛ لأن آدم أب وموسى ابن [ولا يجوز] (٢) لوم الابن أباه وعتبه وهو بعيد.

وقيل: إنما كان ذلك لأن موسى كان قد علم من التوراة أن اللَّه تعالى قد جعل تلك الأكلة سبب إهباطه من الجنة وسكناه الأرض ونشر نسله فيها؛ ليكلفهم ويمتحنهم ويريد على ذلك ثوابهم وعقابهم الأخروي، وهذا إبداء حكمة تلك الأكلة.

وقيل: إنما توجهت حجته عليه لأنه قد علم من التوراة بأن اللَّه تاب عليه واجتباه وأسقط عنه اللوم والعتب، فلوم موسى وعتبه له مع علمه بأن اللَّه قدر المعصية وقضى بالتوبة وبإسقاط اللوم والمعاتبة حتى صارت المعصية كأن لم تكن وقع في غير محله، فكان هذا من موسى نسبة جفاء مع أبيه في حال صفاء، كما قال بعض أهل الإشارات: ذكر


(١) الأنعام: ١٤٩.
(٢) ساقطة من الأصول، والمثبت من "المفهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>