للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أعلم) بفتح همزة الاستفهام، وضم العين، وكسر اللام، مبني للمجهول؛ لكونه معلومًا للسامع، وفيه حذف تقديره: أعلم اللَّه تعالى من هو من (أهل الجنة) ممن هو (من النار؟ قال: نعم) ولفظ مسلم كلفظ المصنف (١)، ولفظ البخاري: قال رجل: يا رسول اللَّه، أيعرف أهل الجنة من أهل النار؟ وبوب عليه باب جف القلم على علم اللَّه وقوله تعالى: {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} (٢) وقال أبو هريرة: قال لي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "جف القلم بما أنت لاق" وقال ابن عباس في قوله تعالى: {وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} (٣) أي: سبقت لهم السعادة (٤).

وفي هذا الحديث وما معه من النصوص إدحاض حجة القدرية أنه قد سبق علم اللَّه تعالى بكل ما يعمله الآدميون من أهل الجنة الذين تمسكوا بالطاعة، ومن أهل النار الذين تمسكوا بالكفر والمعصية، وأخبر اللَّه أنه قد فرغ من الحكم على كل نفس، وكتب القلم كل ما يصير إليه العبد من خير أو شر في أم الكتاب، وجف مداده على المقدور من علم اللَّه، فمنهم من هداه اللَّه على علم به، ومنهم من أضله على علم به، وعرف كل ما يصير إليه أمره، وبين اللَّه ذلك في كتابه حيث يقول: {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} (٥) فعرفنا أنه كان بنا عالمًا حين خلق آدم من طينة الأرض المختلفة كما تقدم، وأحاط علمًا بما يقع من تلك الطينة لكل شخص من أشخاص أولاده إلى يوم


(١) مسلم (٢٦٤٩).
(٢) الجاثية: ٢٣.
(٣) المؤمنون: ٦١.
(٤) البخاري (٦٥٩٦) وما قبله.
(٥) النجم: ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>