للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رويا (عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: ينزل ربنا -عز وجل- كل ليلة إلى سماء الدنيا) هذا مما يوهم التشبيه إذ ذكر الرب بما لا يليق به ظاهره من الانتقال والحركة، ويجب تأويله على الوجه الذي يليق بصفاته، وهو أن يريد إقباله على أهل الأرض بالرحمة والاستعطاف بما يجري في قلوب أهل الخير منهم، بالتنبيه والتذكير لما سبق لهم في الأزل من التوفيق للطاعة، حتى يحملهم على الإقبال على الطاعة، كما قد مدح اللَّه المستغفرين بالأسحار.

فيحتمل أن يراد بالنزول ظهور أمره المضاف إليه في سماء الدنيا، كما يقال: ضرب الأمير اللص، ونادى الأمير في البلد، وإنما أمر بذلك، فأضيف إليه الفعل على أنه عن أمره ظهر، وبأمره حصل، وإذا كان محتملًا في اللغة لم ينكر أن يكون للَّه تعالى ملائكة يأمرهم بالنزول إلى سماء الدنيا في ذلك الوقت، ذكر هذا أبو بكر ابن فورك ثم قال: وقد روى لنا بعض أهل النقل ما يؤيد هذا وهو ضم الياء من "ينزل". وذكر أنه ضبطه عمن سمعه من الثقات الضابطين، وإذا كان كذلك مضبوطًا، فوجهه ظاهر (١).


(١) "مشكل الحديث وبيانه" (ص ٢٠٥)، وكل ما ذكره المصنف عن ابن فورك وغيره لا يقوي حجة في مدافعة النص الواضح الظاهر، إذ من أوَّل صفة النزول هذا التأويل الهزيل الضعيف قاصر الفهم حيث قاس صفات الخالق على المخلوق، ونرد عليه فنقول: النزول صفة حقيقية ثابتة للَّه تعالى على الوجه اللائق به ولا تشبه صفات المخلوقين. وإذا كان ثَمَّ فرق بين أنواع المخلوقات وتباين بين الكائنات، فإنه ولا شك قطعًا أن التباين بين الخالق والمخلوق أولى حتى وإن اشتركا في اسم الصفة، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>