للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: وقد سئل عن هذا الخبر الأوزاعي. فقال: يفعل اللَّه ما يشاء. وهذا إشارة منه إلى ما تقدم، وكذا قال مالك (١) في هذا الخبر: ينزل أمره في كل سحر فأما ما هو فهو دائم لا يزول، ولسنا ننكر تسمية اللَّه بأسماء أفعاله إذا ورد التوقيف بها، كما في قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} (٢) وقوله تعالى: {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ} (٣).

(حين يبقى ثلث الليل الآخر) فيه حجة لمن قال: أفضل التهجد الثلث الآخر من الليل؛ لما رواه المصنف عن عمرو بن عبسة قلت: يا رسول اللَّه، أي الليل أسمع؟ قال: "جوف الليل الآخر، فصل ما شئت" (٤) (فيقول: من يدعوني فأستجيب؟ ) بالنصب وكذا ما بعده؛ لأنه جواب الاستفهام (له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ ) والفرق بين المعاني الثلاثة من وجهين:

أحدهما: أن المراد ما جلب التلاؤم أو دفع غير الملائم، فأتى أولا بالدعاء الشامل لهما، وهو الدعاء ثم عقبه بطلب ما يلائم ثم يدفع ما


(١) قال ابن عبد البر في "الاستذكار" ٨/ ١٥٢: وقد قال قوم: إنه ينزل أمره وتنزل رحمته ونعمته، وهذا ليس بشيء. . . ولو صح هذا عن مالك كان معناه أن الأغلب من استجابة دعاء من دعاه من عباده في رحمته وعفوه يكون ذلك الوقت.
وقال في "التمهيد" ٧/ ١٤٥: أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئًا من ذلك ولا يجدون فيه صفة محصورة. . . والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب اللَّه وسنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- وهم أئمة الجماعة، والحمد للَّه. ا. هـ.
(٢) الذاريات: ٤٧.
(٣) الشمس: ١٤، "مشكل الحديث وبيانه" (ص ٢٠٥ - ٢٠٦).
(٤) تقدم برقم (١٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>