للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدها: ما ذكره القاضي أستاذ الأمة، وهو أن المدفونين في القبور يسألون، والذين دفنوا على وجه الأرض، وأن اللَّه يحجب الملكين عما يجري عليهم كما حجبهم عن رؤية الملائكة ورؤية الأنبياء عليهم السلام، ومن أنكر ذلك فلينكر نزول جبريل على الأنبياء، وقد قال تعالى في وصف الشيطان: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} (١). وقال أبو المعالي: المرضي عندنا أن الجلوس والسؤال يقع على أجزاء يحلمها اللَّه من القلب أو غيره فيحييها ويوجه السؤال عليها، وذلك غير مستحيل عقلًا، وليس هذا بأبعد من الذر الذي أخرجه اللَّه من صلب آدم وأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم؟ .

(فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي اللَّه. فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام) الذي رضيه اللَّه لنا دينًا (فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث) أي: بعثه اللَّه (فيكم؟ ) رسولًا (فيقول: هو رسول اللَّه) وإنما كان السؤال عن هذِه الثلاث دون غيرها، لأن من أتى بهذِه الثلاث ورضي بها فقد ذاق طعم الإيمان؛ وتحقق كمال إيمانه، فإن ارتكب المعاصي الكبائر لم يقدح في إيمانه؛ لأن فيها معرفة اللَّه ومعرفة رسوله ومعرفة منة الإسلام، وقد جمع -صلى اللَّه عليه وسلم- هذِه الثلاث في رواية مسلم: "ذاق طعم الإيمان من رضي باللَّه ربا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- رسولًا" (٢).

(فيقولان) له (ما يدريك؟ ) أنه رسول اللَّه (فيقول: قرأت كتاب اللَّه


(١) الأعراف: ٢٧.
(٢) "صحيح مسلم" (٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>