للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعالى فآمنت به) قيل: المعنى: قرأت كتاب اللَّه فوجدت فيه: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (١) فعرفت اللَّه، ووجدت أن الدين عند اللَّه الإسلام، فرضيت به، ووجدت: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} (٢) فشهدت برسالته إلى غير ذلك من الآيات، فكأنه آمن بالثلاثة قبل قراءة القرآن إيمانًا اعتقاديًّا مجملًا، فلما قرأ القرآن استدل به على ما تقدم به إيمانه، فوجد حلاوته، وازداد يقينه، فإن قيل: هذا الحديث يدل على أن الرجل يعرف صدق الرسول بالقرآن، وهو لا يستقيم؛ لأنه ما لم يعرف صدق الرسول لا يعلم أن القرآن كلام اللَّه.

وأجيب: أن القرآن أعظم المعجزات فصدق الرسول عليه السلام منه (وصدقت) من لم يفرق بينهما، وجعل الإيمان هو التصديق جعله مما كرر معناه لاختلاف لفظه تأكيدًا واتباعًا للمعنى، كما قال تعالى: {مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} (٣) وقوله: {أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ} (٤).

(زاد في حديث جرير) بن عبد اللَّه (فذلك) الإشارة إلى جريان لسانه بالصدق؛ لأن اللَّه تعالى أخبر أنه يثبت المؤمنين بكلمتي الشهادة في الدنيا وفي القبر (قول اللَّه عز وجل: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ}) الذي تثبت به الحجة والبرهان في قلب صاحبه فاعتقده، واطمأنت إليه نفسه (الآية) إلى آخرها (ثم اتفقا) يعني: أبا معاوية وجريرًا (قال: فينادي


(١) غافر: ٦٢.
(٢) الحشر: ٧.
(٣) البقرة: ١٥٩.
(٤) الزخرف: ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>