للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فأرسلني يومًا لحاجة، فقلت) له (واللَّه لا أذهب) إليها (وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-) هذا صدر من أنس في صغره وعدم كمال تمييزه، إذ لا يصدر مثله ممن كمل تمييزه، وذلك أنه حلف باللَّه على الامتناع من فعل ما يأمره به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مشافهة وهو عازم على فعله، فجمع بين مخالفة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وبين الإخبار بامتناعه والحلف باللَّه على نفي ذلك مع العزم على أنه يفعله.

قال القرطبي: وفيه ما فيه، ومع ذلك فلم يلتفت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لشيء من ذلك ولا عرج عليه ولا أدبه، بل داعبه ولم يغضب، بل أخذ بقفاه وهو يضحك رفقًا به واستلطافًا له (١).

(قال: فخرجت حتى أمر) بالنصب، ويجوز الرفع كما في قراءة نافع في قوله تعالى: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} (٢) والتقدير: فخرجت حتى مررت (على صبيان) لم يزل الجنس يميل إلى الجنس، فالصغير يحب رؤية الصغار والمرور بهم ويتقصد ذلك بالطبع الجبلي (وهم يلعبون) فاللعب من شأن الصبيان ومن في معناهم من النساء والرجال الضعفاء العقول، الذين يذهبون أعمارهم النفيسة في الباطل الذي لا طائل تحته، لكن في اللعب للصبيان ترويح لأذهانهم في تعليم القرآن ونحوه ونشاط لأبدانهم.

(في السوق) سمي سوقًا، لقيام الناس فيه غالبًا على سوقهم. وقيل: لأن المبيعات تساق إليه، والأسواق محل الغفلة واللهو واللعب إلا لمن


(١) "المفهم" ٦/ ١٠٤.
(٢) البقرة: ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>