للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أيقظ اللَّه قلبه من سنة الغفلة، فبدنه في السوق وقلبه مع اللَّه لا يغفل مع من غفل.

(فإذا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-) وهو (قابض بقفاي) بفتح الياء مقصور، كقوله تعالى: {قَالَ هِيَ عَصَايَ} (١) (من ورائي) بالمد وسكون الياء، (فنظرت إليه) حين التفت، (وهو يضحك) تبسمًا (فقال: يا أنيس، ) تصغير أنس (اذهب) إلى (حيث أمرتك، قلت: نعم، أنا أذهب يا رسول اللَّه) إلى حيث أمرتني. ولفظ مسلم: فقال: "يا أنيس ذهبت حيث أمرتك؟ " قال: قلت: نعم (٢).

وفي الحديث فوائد وآداب كثيرة، منها:

استعمال المجاز في قوله: (فأرسلني) والمراد: فأمرني أن أذهب له رسولًا في حاجة أرادها. وفيه جواز استخدام الصغير اليتيم لمن يقوم بمصالحه وتعليمه فيما لا يشق عليه. وفيه أن من أرسله شيخه أو معلمه في حاجة فيكتمها ولا يذكرها للناس، إلا إذا كان في إظهارها مصلحة بلا ضرر؛ ولهذا قال: (في حاجة) بالإبهام ولم يصرح بها.

وفي قوله: (أرسلني يومًا) إشارة إلى أن استخدام اليتيم يكون في النهار دون الليل؛ لما في مشي الصبي في الليل من المفاسد.

وفيه: صحة يمين الصبي وانعقادها، وفيه جواز مخالفة الخادم لمخدومه في الظاهر، وعدمه في الباطن امتثال أمره، وذلك استخراجًا لإظهار حكم المخدوم للناس وبيانه في كظم غيظه، ولولا إظهار هذِه


(١) طه: ١٨.
(٢) "صحيح مسلم" (٢٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>