للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

له حاجتان (إلا اختار) أي: مال إلى (أيسرهما) أي: أهونهما، وترك الأثقل أخذًا بالسهولة لنفسه، وتعليمًا لأمته، ففي هذا استحباب الأخذ بالأيسر والأرفق (ما لم يكن إثمًا) فإن كان في المخير فيه إثم لفعل حرام أو مكروه فإنه لا يميل إليه ولا يفعله أصلًا (فإن كان) المخير فيه (إثما كان -صلى اللَّه عليه وسلم- أبعد الناس) أي: أشدهم بعدًا (منه) من ذلك الإثم، وترك ما فيه إثم (١) وأخذ بالآخر، وإن كان أثقل من الآخر وأكثر مؤنة وكلفة عليه.

قال عياض: يحتمل أن يكون تخييره -صلى اللَّه عليه وسلم- هنا من اللَّه تعالى، فيخيره فيما فيه عقوبتان، أو فيما بينه وبين الكفار من القتل وأخذ الجزية، أو في حق أمته من المجاهدة في العبادة والاقتصار، فكان يختار الأيسر في كل هذا.

قال: وأما قولها: (ما لم يكن إثمًا) فيتصور إذا خيره الكفار والمنافقون، فأما إذا كان التخيير من اللَّه تعالى أو من المسلمين فيكون الاستثناء منقطعًا (٢).

(وما انتقم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لنفسه) أي: ما عاقب أحدًا على مكروه أتاه من قبله، بل كان يصبر على جهل من جهل عليه، ويحتمل جفاءه، ويصفح عمن آذاه في خاصة نفسه، كصفحه عمن قال: أعدل فإن هذِه قسمة ما أريد بها وجه اللَّه وما عدلت منذ اليوم. وكصفحه عن الأعرابي الذي جبذ رداءه كما تقدم.


(١) في (ل)، (م): إثمًا. والمثبت هو الصواب.
(٢) "إكمال المعلم" ٧/ ٢٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>