للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سل أميري ما الذي غيره ... عن وصالي اليوم حتى ودعه (١)

وقد نقل عن بعض السلف أنه قرأ {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} بتخفيف الدال (٢)، وقد صح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه تكلم بمصدر ذلك الفعل المرفوض حين قال: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن اللَّه على قلوبهم" (٣) وهذا كله يرد على من قال من النحويين أن العرب قد أماتت ماضي هذا الفعل ومصدره؛ فلا تتكلم به استغناء عنه (اتقاء) أي: من أجل اتقاء (الفحش) (٤) بفتح الفاء وهو ما قبح من الكلام والفعال، وهذا يدل على أن عيينة بن حصن من شر الناس منزلة عند اللَّه، ولا يكون كذلك حتى يختم اللَّه له بالكفر -واللَّه أعلم-كما قاله القرطبي، ثم قال: وهذا فيه من الفقه جواز غيبة المعلن لفسقه ونفاقه، والأمير الجائر، والكافر، وصاحب البدعة، وفيه جواز مداراتهم اتقاء شرهم، لكن ما لم يؤد ذلك إلى المداهنة في دين اللَّه، والفرق بين المداراة والمداهنة أن المداراة لين القلوب وبذل شيء من الدنيا لصلاح الدنيا والدين، وهي مباحة ومستحسنة في الأحوال، والمداهنة المذمومة المحرمة في بذل الدين لصلاح الدنيا، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-


(١) أورده أبو الفرج في "الأغاني" ٨/ ٤٠٢، والبغدادي في "خزانة الأدب" ٦/ ٤٢٦.
(٢) أوردها ابن جني في "المحتسب" ٢/ ٣٦٤، وابن خالويه في "مختصر في شواذ القراءة" ص ١٧٥ وعزواها للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وزاد ابن جني عزوها لعروة بن الزبير.
(٣) رواه مسلم (٨٦٥) من حديث أبي هريرة.
(٤) بعدها في (ل)، (م): فحشه. وعليها: خـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>