للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ظاهره جفاء، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يأمر بالجفاء، فقيل: معناه خيبوهم ولا تعطوهم شيئًا؛ لأن من أعطى التراب لم يعط شيئًا كما جاء في الحديث الآخر: "إذا جاء صاحب الكلب يطلب ثمنه فاملأ كفه ترابًا" (١) أي: خيبه ولا تعطه شيئًا. وقريب منه: "وللعاهر الحجر" (٢).

وقيل: إن معناه أعطه ولا تبخل عليه، فإن مآل كل ما يعطى إلى التراب، كما قال:

وكل الذي فوق التراب تراب

وقيل: معناه التنبيه للممدوح على أن يتذكر أن المبتدأ والمنتهى التراب، فليعرضه على نفسه؛ لئلا يعجب الممدوح بالمدح، وقد أثنى رجل على علي فقال: اللهم اغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني خيرًا مما يظنون (٣). ولئلا يفرط المداح في مدحه ويطري فيه، وربما انتهى إلى الكذب، لا سيما المداح بالشعر، فإن الشعراء في كل واد يهيمون، وإنهم يقولون ما لا يفعلون.

[٤٨٠٥] (حدثنا أحمد) بن عبد اللَّه (بن يونس) اليربوعي (حدثنا أبو شهاب) عبد ربه، الحناط (عن) خالد (الحذاء، عن عبد الرحمن بن أبي


(١) تقدم برقم (٣٤٨٢) من حديث ابن عباس.
(٢) تقدم برقم (٢٢٧٣) من حديث عائشة.
(٣) أورده الغزالي في "الإحياء" ٣/ ١٦١، ولم أقف عليه مسندا عن علي -رضي اللَّه عنه-، لكنه ورد مسندا عن عدي بن أرطأة قال: كان الرجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا زُكي قال، فذكره، رواه البخاري في "الأدب المفرد" (٧٦١) وصححه الألباني.
وروي أيضًا مسندا عن بعض السلف: رواه البيهقي في "الشعب" (٤٥٣٤).
وعزاه في "كنز العمال" للعسكري في "المواعظ" من قول أبي بكر -رضي اللَّه عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>