للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للجمهور أن الوفاء بالوعد ليس بواجب، سواء كان قادرًا على الوفاء به أو غير قادر، فأما إن كان عند الوعد عازما على أن لا يفي فهذا هو النفاق، ولا يكون نفاقًا إلا إذا لم يكن عذر، فأما من عزم على الوفاء وعَنَّ له عذر منعه من الوفاء لم يكن منافقًا، ولا يجري عليه ما هو صورة النفاق، ولكن ينبغي أن يحترز من صورة النفاق كما يحترز من حقيقته، فإن عبد اللَّه بن عمرو (١) لما حضرته الوفاة قال: إنه كان خطب إلي ابنتي رجل من قريش، وكان مني إليه سمة وعد، فواللَّه لا ألقى اللَّه بثلث النفاق، اشهدوا على أني قد زوجته ابنتي (٢).

فينبغي للإنسان أن يحترز من الوعد ما أمكن، فإن اللسان سباق إلى الوعد، ثم النفس ربما لا تسمح بالوفاء؛ فيصير الوعد خلفًا، وذلك من علامات النفاق، فإن كان ولابد من الوعد فيقول بعده: عسى. فقد قيل: إنه -عليه السلام- كان إذا وعد وعدًا قال: عسى (٣). وكان ابن مسعود لا يعد وعدًا، إلا ويقول: إن شاء اللَّه (٤).

[٤٩٩٦] (ثنا محمد بن يحيى) بن عبد اللَّه بن خالد بن فارس الذهلي (النيسابوري) بفتح النون، شيخ البخاري (ثنا محمد بن سنان) العوقي بفتح العين والواو ثم قاف، أخرج له البخاري (ثنا إبراهيم بن طهمان، عن


(١) في (ل)، (م): عبد اللَّه بن عمر. وما أثبتناه كما في "الصمت" لابن أبي الدنيا.
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في "الصمت" (٤٥٦) من رواية هارون بن رئاب.
(٣) ذكره الغزالي في "الإحياء" ٣/ ١٣٣، وقال العراقي في "مغني الأسفار" ٢/ ٨٠٢ (٢٩٤١): لم أجد له أصلًا.
(٤) انظر: "إحياء علوم الدين" ٣/ ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>