(فركب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-) الحمار. وهذا أيضًا من إكرام الشيخ أو المعلم إذا زار تلميذه، أن يقرب إليه مركوبًا يركبه في الرجوع إلى منزله من فرس أو حمار ونحوهما، ويمهد تحته ببساط أو عباءة ونحوهما.
(فقال سعد: ) لابنه (يا قيس، اصحب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-) إلى منزله.
وهذا أيضًا من نوع الإكرام بأن يرسل ابنه أو خادمه ونحوهما ليمشي في خدمة شيخه إلى منزله تأنيسًا له وإكرامًا.
وفيه فائدة أخرى يحصل بها الإكرام وهو أن يأتي بالدابة؛ لئلا يتكلف الشيخ بإرسالها، وقد لا يجد من يرسلها معه.
(قال قيس: ) فلما مشيت معه (فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-) تعال يا قيس (اركب) معي (فأبيت) أن أركب معه، وفيه دليل على ترجيح سلوك الأدب على امتثال الأمر، كما تقدم.
(إما أن تركب) معي (وإما أن تنصرف) وهذا من مكارم أخلاقه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان لا يحب أن يرتفع على أحد من تلميذ أو عبد أو أمة في مأكل ولا مشرب ولا ملبس ولا مركوب.
(قال: فانصرفت) عنه لما ألح عليَّ في ذلك.
وفي هذا الحديث دلالة على فضيلة سعد بن عبادة وكرم شمائله؛ لأنه أكرم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأنواع من الإكرام، كما تقدم بعضها، فإنه كان أجود الأوس والخزرج، وكان منهم أربعة يطعمون الطعام في بيت واحد قيس بن سعد بن عبادة بن دليم (١)، قال ابن عمر لما مر
(١) في (ل)، (م): ديلم. وما أثبتناه كما في ترجمة سعد بن عبادة، انظر: "الاستيعاب في معرفة الصحابة" ٢/ ١٦١ (٩٤٩).