للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يحمل الغَسْل هنَا على الاستحباب للتنظيف لا عَلى الوجُوب وهذِه طَريقَة الشافعي (١) وأحمدَ (٢) وكذَا الجمعَ ممكن على القول بنجاسَته، بأن يحمل الغسْل عَلَى مَا كانَ رَطبًا والفَرك على مَا كانَ يَابسًا وهذِه طَريقة الحنَفية (٣) والطريقةُ الأُولَى أرحج؛ لأنَّ فيهَا العمل بالخَبر والقيَاسُ مَعًا؛ لأنه لو كانَ نجسًا لكانَ القياس وجُوب غسْله دُونَ الاكتفاء بفركه دُونَ الدم وغَيره وهم لا يكتفونَ فيما لا يعفى عنهُ مِنَ الدم بالفَرك.

وأمَّا مَالِك (٤) فلم يعرف الفرك وقال: إن العَمل عندَهُم على وجوب الغَسْل كسَائر النجاسَات، وَحَديث الفَرك الصَّحيح حجة عَليهم، وحمل بَعض أصْحَابه الفرك على الدَلك بالماء، وهوَ مَردُود لما في إحدَى روَايات مُسْلم عن عَائشة لقد رَأيتني وإني لأحكهُ من ثوب رسُول الله -صلى الله عليه وسلم- يَابسًا بظفري (٥)، وبما صَححهُ الترمذي مِن حَديث هَمام بن الحَارث؛ أن عَائشة أنكرت عَلى ضَيْفها غسْله الثوب، فقالت: لم أفسد (٦) عَلينا ثوبنَا إنما كانَ يكفيه أن يفركه بأصَابعهِ فَربمَا فركتُه مِنْ ثَوب رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم- بأصَابِعي (٧).

قالَ بَعْضُهم: الثوب الذي اكتفتَ فيه بالفَرك ثَوب النوم، والثوب الذي غسلته (٨) ثَوب الصَّلاة، وهو مَردُود أيضًا بمَا في إحدى روَايَات مُسْلم مِنْ حَديثها: لقَد رَأيتني أفركه مِنْ ثَوب رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم- فركا


(١) "الأم" ١/ ١٢٥ - ١٢٦.
(٢) "المغني" ٢/ ٤٩٧ - ٤٩٨.
(٣) "المبسوط" للسرخسي ١/ ٢٠٦.
(٤) "المدونة" ١/ ١٢٨.
(٥) "صحيح مسلم" (٢٩٠) (١٠٩).
(٦) في (ص، س، ل): أفسدت.
(٧) "جامع الترمذي" (١١٦).
(٨) في (ص، س، ل): غسله.

<<  <  ج: ص:  >  >>