للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن تكون الجملة حالًا عن النكرة إذا تخصصت كما في قوله تعالى: {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ} (١) أي: {أنزلناه} جملة حالية من {ذكر}؛ لأنه مخصوص بالصفة؛ ولهذا أجاز أبو الحسن وصف النكرة بالمعرفة في قوله تعالى: {فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ} (٢) أن الأوليان صفة لآخران لتخصصه بالصفة، وهي {يَقُومَانِ}، واستبعد أبو حيان أن يكون {مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ} عطف بيان من جهة أخرى، وهي أن مذهب البصريين أن عطف البيان لا يجوز إلا أن يكونا معرفتين، ولا يجوز أن يكونا نكرتين، قال: ولم يقم لهم دليل على تعيين (٣) عطف البيان في النكرة (٤)، وما ذكره أبو حيان لا يرد على الزمخشري على ما قررناه؛ لأن {آيَاتٍ} لما تخصصت صارت معرفة، وعطف البيان في المعرفة بالمعرفة لا نزاع فيه (٥).

وعلى كل حال فالأولى أن يعرب {مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ} والموصول في الحديث بدلا من "مقامًا محمودًا" أو يكون خبر مبتدأ محذوف أي: هو الذي وعدته، أو مبتدأ حذف خبره أي؛ الذي وعدته هو المقام المحمود، ويكون "الذي وعدته" ذكر بصيغة الموصول لتعظيم وعد الله تعالى وصدقه، ويجوز أن يكون "الذي" منصوب على تقدير أعني، أو أمدح الذي وعدته، ومما يدل على أن الصفة إذا تخصصت صارت


(١) الأنبياء: ٥٠.
(٢) المائدة: ١٠٧.
(٣) في (س): نفس.
(٤) "البحر المحيط" ٣/ ١٠.
(٥) من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>