للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدهما: أن المراد إذا كان عالمًا بنهي المصطفى عن المرور بين يدي المصلي ثم مر بين يديه كان آثمًا عاصيًا، والعاصي يقال له في اللغة شيطان سواء كان من الجن أو الإنس؛ إذ العرب في لغتها توقع اسم الشيطنة على العصاة من أولاد آدم كما توقع مثله في العصاة من الجن، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} (١).

والثاني: أن المار بين يدي المصلي يكون معه شيطان يأمره بذلك، فأطلق اسم الشيطان على المار بين يدي المصلي على سبيل المجاز، كما في حديث ابن عمر: "فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين" (٢).

(قال أبو داود: إذا تنازع الخبران) أي: تعارضا، واختلف معناهما من قولهم: تنازع القوم، إذا اختلفوا فيما بينهم (عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) هذا يدل على أن الأحاديث المتقدمة متعارضة عند أبي داود رحمه الله تعالى، وإذا تعارض الحديثان نظر إلى الترجيح من خارج، لإجماع الصحابة والأمة على ترجيح بعض الأدلة على بعض، والعمل بالراجح واجب، والقاعدة أن الخبرين المتعارضين إذا كان تاريخهما معلومًا، والمدلول قابل للنسخ، فالمتأخر ناسخ للمتقدم، ولو نقل المتأخر بالآحاد فإنه لا يرجح أحد الدليلين على الاخر إلا إذا لم يمكن (٣) العمل بكل واحد منهما، فإن أمكن ولو من وجه دون وجه فهو أولى من الترجيح؛ لأن


(١) الأنعام: ١١٢.
(٢) أخرجه مسلم (٥٠٦)، وابن ماجه (٩٥٥)، وأحمد ٢/ ٨٦ من حديث ابن عمر.
(٣) في (ص، ل): يكمن. وفي (س): تكملت.

<<  <  ج: ص:  >  >>