للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فصلى) لفظ مسلم: "فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وانصرف، فقالوا له: أنافقت" (١). واستدل أصحابنا، وغيرهم بهذا الحديث على أنه يجوز للمأموم أن ينوي المفارقة ويتم صلاته منفردًا.

وفي المسألة ثلاثة أوجه أصحها عند أصحابنا أنه يجوز المفارقة لعذر ولغير عذر والعذر ما يسقط به عنه الجماعة ابتداء، وكذا تطويل القراءة على الأصح أو خوف شيء يفسد صلاته.

قال النووي: هذا الاستدلال ضعيف؛ لأنه ليس في الحديث أنه فارقه وبنى على صلاته، بل في الرواية الأولى - يعني: لمسلم - أنه سلم وقطع الصلاة من أصلها، ثم استأنفها وهذا لا دليل فيه للمسألة المذكورة، وإنما يدل على جواز قطع الصلاة وإبطالها لعذر. والله أعلم (٢).

قلت: وهو عجيب منه فإن رواية مسلم ليس فيها أنه قطع الصلاة من أصلها، ولا أنه استأنفها، بل لفظه فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده، ويمكن أن يكون هذا الرجل قلبها نفلًا وسلم من صلاته وصارت له تطوعًا، ثم أعاد صلاة العشاء كاملة وحده كمن دخل المسجد فصلى ركعتين أو ثلاثًا ينوي بها الظهر، ثم جاء المؤذن فأقام الصلاة وصلى بهم الإمام فقلب (٣) الصلاة تطوعًا، وسلم من صلاته وجعلها تطوعًا، ثم دخل مع الإمام وأتم صلاته. والله أعلم.


(١) "صحيح مسلم" (٤٦٥) (١٧٨).
(٢) "شرح النووي" (٤/ ١٨٢).
(٣) في (ص، س، ل): فقلبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>