للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويدخل في النَّهي، شُرب الماء وغيره (نَفَسًا وَاحِدًا) النفس لهُ حقيقة ومجاز، فالحقيقة كما في الحديث يقالُ: تنفس الرجُل وتنفس الصّعَداء.

قال الجوهري: كل ذي رئة يتنفس، ودوَاب (١) الماء لا رئات لها، وأمَا المجَاز فكقوله تعالى: {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (١٨)} (٢) أي: تبلج، وتنفسَ النهَار إذا زَادَ. وكذلك الموجُ إذا نضح الماء (٣). وفيه النهي عن شرب الماء والشراب ونحوهما في نفس واحد، وهذا نهي إرشاد وأدب؛ لأنه إذا استوفى ريه في نفس واحِد تكاثر إيرَاد الماء على معدته فأثقلها وضرها، فأرشد إلى ما فيه صلاح (٤) الآدمي في شربه، وهو أن يشرب على ثلاثة أنفاس ويمصّهُ مصًّا ولا يعبّهُ (٥)، لما روى أبو داود في "المرَاسيل" من رواية عطاء بن أبي ربَاح "إذا شربتم فاشربوا مصًّا ولا (تعبُّوه عبًّا) (٦)، فإنَّ الكُبَاد من العبّ (٧) " (٨) والكُبَاد بِضَم الكاف وتخفيف الباء الموَحدة، قيل: وجع الكبد، ويُستحب أن يُسمي الله في


(١) في (ص، س، ظ، م): ذاوت. تصحيف، والمثبت من "الصحاح".
(٢) التكوير: ١٨.
(٣) "الصحاح" للجوهري (نفس).
(٤) في (ص، س، ل): إصلاح.
(٥) في (د، ل، م): يغبه. تصحيف.
(٦) في (د، ل، م): تغبوه غبًّا. تصحيف.
(٧) في (د، ل، م): الغب. تصحيف. ولاعَبُّ: شرب الماء من غير مصٍّ، وقيل: أن يشرب الماء ولا يتنفس، وهو يورث الكباد. انظر: "لسان العرب" (عبب).
(٨) رواه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٩٥٩٤) عن معمر، عن ابن أبي حسين، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا شرب أحدكم فليمص مصًّا، ولا يعبَّ عبًّا، فإن الكُباد من العبِّ". وهو مرسل، أما مرسل عطاء الذي رواه أبو داود في "مراسيله" (٥): قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا شربتم فاشربوا مصًّا، وإذا استكتم فاستاكوا عرضًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>