للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتوسط في إعطاء نفسه حقها، ويعدل فيها غاية العدل، فيصوم ويفطر وينام وينكح النساء ويأكل مما يجد من الطيبات كالحلوى والعسل ولحم الدجاج، وتارة يجوع حتى يربط على بطنه الحجر. وقال: "عرض علي (١) ربي أن يجعل لي بطحاء مكة ذهبًا فقلت: لا يا رب، ولكن أجوع يومًا وأشبع يومًا، فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك وإذا شبعت حمدتك وشكرتك" (٢) فاختار النبي - صلى الله عليه وسلم - لنفسه أفضل الأحوال ليجمع بين مقامي الشكر والصبر والرضا.

(فاتق الله) تعالى (يا عثمان) أي اسلك سبيل الكتاب والسنة واتّقِ ما عداها من الطرق، ويحتمل أن يراد بالتقوى الدوام عليها كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا} (٣) (فإن لأهلك عليك حقًّا) يريد أنه إذا داوم على الصوم ذابت نفسه وضعفت قواه فلم يستطع [القيام بحق] (٤) أهله، وربما أضعفه الصيام عن التكسب للعيال والقيام بحقوق الزوجات، فيكون ترك الصيام في بعض الأيام أفضل، وإليه الإشارة بقوله: "فإن (٥) لأهلك عليك حقًّا". وقد جاء في حق داود - عليه السلام -: "كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، ولا يفر إذا لاقى" (٦) يشير إلى أنه لا يضعفه صيامه عن ملاقاة عدوه ومجاهدته (٧) في سبيل الله؛ ولهذا روي عن


(١) في (ص، س): لي.
(٢) أخرجه الترمذي (٢٣٤٧)، وأحمد ٥/ ٢٥٤.
(٣) النساء: ١٣٦.
(٤) في (ص): حق. وفي (س): بحق.
(٥) سقط من (م).
(٦) أخرجه البخاري (١٩٧٧)، ومسلم (١١٥٩) (١٨٦).
(٧) في (ص): أن يجاهد، وفي (س، ل): ويجاهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>